الأربعاء، 20 مارس 2013

لعبة الكتابة


الكلمات أيضا كالشعوب، اذا أرادت الحياة فلابد أن يستجيب القدر..
على الأقل هذا ما يؤمن به أي كاتب أو أديب أو مفكر ليستمر في نزفه الحبري مدى الحياة ولا يعتزلها الا مهددا بالقتل أو الاعتقال أو محاصرا بالكآبة والشيخوخة والعزلة.
بعض المثقفين يدركون حقيقة معاناتهم حين يفقدون الأمل في تغيير ما حولهم أو تجميل واقعهم أو تجسيد أحلامهم وأوهامهم، وهو سبب مباشر ليصبح 62% من الكتاب والمثقفين ضحايا للاكتئاب أو فريسة للوساوس أو انفصام الشخصية.
أمام هذه الحقيقة تبدو الكتابة كمسمار جحا، حجة ضرورية لبقائنا على قيد أحلامنا وأمانينا.. وحياتنا أيضا..
فالكتابة فعل حب، كما هي لحظة الولادة فعل حياة..
ولحظة الحلم فعل تحايل على الموت
لكن الايمان بها جميعا هو أيضا فعل أحمق..
فكيف يؤمن الشاعر بأسرار دهشته..
والكاتب أو المثقف بجدوى كتابته
ويثق الفنان بسحر ألوانه وألحانه
في محاولات مكشوفة للتخيل والتحايل على الواقع وفي مساحات هي مسروقة من أرض الحياة
نعم ..
نحن لا نغير العالم ببضعة أسطر، ولا نهز الكرة الارضية ببضعة كلمات، فالحياة تستمر بعدنا والجرائد تواصل الصدور دوننا ودون أولئك الذين شغلوا صفحاتها وأعمدتها لشهور أو لسنوات
لكن لعبة الكتابة كلعبة الأنوثة.. كلعبة الحب.. ككل القضايا الكبرى في الحياة، تحتاج الى الايمان بها لكي تستمر
وبرغم أني أعاني أزمة ثقة، الا أننا مع القلم لا بد أن نثق بأوهامنا على حساب المنطق
لابد أن نتمرد ونحلق ونخرج على قوانين الحياة..
فإذا لم نستطع أن نسطو على جسد الحياة ونغزو قلبها ونحياها مذهلة خارقة للعادة فإننا نخرج على قوانينها ونحلم بالمستحيل نكاية بما هو ممكن، ففي تمنى الاشياء ومطاردتها على الورق مذاق أشهى من الاستسلام والهزيمة
هكذا يدرك الكاتب في مكان ما في أعماقه حقيقة دوافعه للكتابة فإذا تخلى عنها مرغما فليس هو الا انكسار الشامخين..
ذلك أن الافكار تسكت لكنها أبدا لا تموت
والأقلام وحدها تتوقف عن النزف قسرا
لكنها لن تتوقف عن الالم سرا أو السخط قهرا
فينتهي زمن الانبياء والأبطال..
بينما يبقى زمن الحالمون سواء كتبوا أم لم يكتبوا

0 Comments: